الفصل الأول

الإطار العام للدراسة

المقدمة:

أن الموهوبين والمتفوقين- بما يتميزون به من طاقات بشرية متميزة- يمثلون الثروة القومية الحقيقية ورأس المال البشري النافع الاستثمار فيه والقوة الدافعة لتقدم المجتمعات ورقيها. فعن طريقهم ازدهرت الحضارة الإنسانية وتقدمت، وبفكرهم وإبداعهم صنعوا سعادة البشرية ورفاهيتها، ففي رعايتهم وحسن توجيههم أفضل استثمار للمستقبل, وفي إهمالهم امتهان لمبدأ تكافؤ الفرص التعليمية.

لذلك فقد أصبح لزاما على المجتمعات التي تريد أن تتبوأ مكاناً مرموقاً في مجتمع الغد، أن تتبنى أنظمتها التعليمية فلسفة تربوية لتدعيم التربية الإبداعية في العملية التعليمية، وتأكيد أهمية وضع استراتيجية واضحة المعالم للرعاية التربوية والنفسية والاجتماعية للموهوبين والمتفوقين في مراحل التعليم المختلفة. من هنا يتعاظم دور التربية في توفير تعليم متميز للجميع يسهم في إعداد أجيال من العلماء والمفكرين والمبدعين الذين يملكون مفاتيح التطور والتقدم للحضارة الإنسانية.

بيد أن الواقع المعاصر يشير إلى أن مجتمعنا يعاني من قصور واضح في اكتساب المعرفة فضلا عن القدرة على إنتاجها، وأن جمود المعرفة وعدم تطورها يؤديان إلى ضعف القدرة الإنتاجية وتضاؤل فرص التنمية. فرغم ما حققه العرب والمسلمون من إنجازات في علوم وفنون مختلفة حيث برعوا وأبدعوا في الآداب واللغة والفنون والعمارة والعلوم الطبيعية والطب والصيدلة والفلسفة وغيرها من العلوم السائدة، رغم ذلك فإن هذه الإنجازات وهذا التطور والنهوض لم يستمر بل انقطع جريان النهر وحل التدهور محل الازدهار الذي استمر ثلاثة قرون فقط (بركات, 2006، 1).

أضف إلى ذلك ما تعاني منه كثير من المجتمعات- ولاسيما العربية منها- من عدم الاهتمام بالموهوبين, مما أدى إلى هجرة أصحاب المواهب إلى البلدان التي ترعى تلك العقول فيما بات يصطلح عليه استنزاف العقول Brain Drain. وتبعا لما سبق فإن البلاد العربي  تواجه تحديا مما ينبغي معه مضاعفة الاهتمام بالموهوبين وتقويم البرامج التي تقدم لهم، لأن الموهوبين يتضاعف إنتاجهم وتزداد مكاسبهم إذا ما توافرت لهم البرامج التعليمية والتربوية المناسبة لإظهار قدراتهم الكامنة, أضف إلى ذلك التنافس مع الدول الأخرى، فالموهوبون يعدون من أغلى الكنوز وأنفسها التي تتنافس عليها شعوب العالم وتعتمد عليها الدول في حاضرها ومستقبلها، وهم القوة الحقيقية لأي مجتمع يريد التقدم والازدهار. (كزمان, 2005، 6).

وعليه فإن قضية استثمار الطاقات العقلية المبدعة والمحافظة عليها ورعايتها، أصبحت من القضايا الملحة في مجتمعنا المعاصر, فبلاد عديدة وفي مقدمتها سويسرا واليابان وتايوان وكوريا الجنوبية وماليزيا .... وغيرها، لا تمتلك ثروات مادية تذكر ومع ذلك فإنها تقف في مصاف الدول الصناعية التي يعتد بها. وقد وصلت لذلك لما تقوم به من حسن رعاية لموهبيها وفائقيها في المراحل العمرية المختلفة، والاستخدام الأمثل للقدرات الإبداعية لدى أفرادها بما يحقق ازدهار وتنمية المجتمع (بركات, 2006، 2).

مشكلة الدراسة :

تتمثل مشكلة الدراسة في غياب المنظومة الإدارية التربوية المتكاملة الداعمة لاكتشاف ورعاية الطلاب الموهوبين في مدارس التعليم بقطاع غزة. فبالرغم من وجود العديد من البرامج والدراسات التي تتناول قضية الموهوبين والمتفوقين, أن قطاع غزة  تأخر كثيرا في مجال رعاية واكتشاف الموهوبين، ويمكن إرجاع ذلك إلى الوضع الاقتصادي والاحتلال وما يمر به القطاع من ويلات الحروب المتتالية ، وعدم توافر رؤية إدارية منظوميه متكاملة، وخطة استراتيجية واضحة يمكن من خلالها إحداث طفرة حقيقية في مجال اكتشاف ورعاية الطلاب الموهوبين, كما أن هذه العملية -خاصة مرحلة اكتشاف الموهوبين- يسودها ويغلب عليها شيء من الارتجالية وتخضع في كثير من الأحيان لمحض الصدفة, وعليه تسعى الدراسة الحالية للبحث في مدي فاعلية السياسات والممارسات الإدارية التربوية الناجحة في اكتشاف ورعاية الموهوبين بهدف الوصول لوضع تصور مقترح لاكتشاف ورعاية الموهوبين في مدارس قطاع غزة  في ضوء بعض خبرات الدول المتقدمة .

تساؤلات الدراسة :

  وفي ضوء ما سبق تحاول الدراسة الحالية الإجابة على الأسئلة البحثية التالية:

§        هل توجد فروق بين استجابات المبحوثين حول واقع السياسات والممارسات الإدارية التربوية الحالية في اكتشاف ورعاية  الموهوبين في مدارس قطاع غزة تعزى لمتغير الجنس (ذكر- أنثى).

§        هل توجد فروق بين استجابات المبحوثين حول واقع السياسات والممارسات الإدارية التربوية الحالية في اكتشاف ورعاية  الموهوبين في مدارس قطاع غزة تعزى لمتغير المؤهل العلمي .

لشراء البحث بصيغة الورد منسق بشكل احترافي اضغط هنا

https://hostzad.com/product-details/shraaa-albhth-bsygh-alord/22